فصل: باب ما جاء في الميت ينقل أو ينبش لغرض صحيح

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 باب استحباب زيارة القبور للرجال دون النساء وما يقال عند دخولها

1 - عن بريدة قال‏:‏ ‏(‏قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد بزيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر الآخرة‏)‏‏.‏

رواه الترمذي وصححه‏.‏

2 - وعن أبي هريرة قال‏:‏ ‏(‏زار النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال‏:‏ استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت‏)‏‏.‏

رواه الجماعة‏.‏

الحديث الأول أخرجه أيضًا مسلم وأبو داود وابن حبان والحاكم والحديث الثاني عزاه المصنف إلى الجماعة بدون استثناء ولم أجده في البخاري ولا عزاه غيره إليه فينظر‏.‏ وقد أخرجه أيضًا الحاكم‏.‏

ـ وفي الباب ـ عن ابن مسعود عند ابن ماجه والحاكم وفي إسناده أيوب بن هانئ مختلف فيه‏.‏ وعن أبي سعيد الخدري عند الشافعي وأحمد والحاكم‏.‏ وعن أبي ذر عند الحاكم وسنده ضعيف‏.‏ وعن علي بن أبي طالب عليه السلام عند أحمد‏.‏ وعن عائشة عند ابن ماجه‏.‏

وهذه الأحاديث فيها مشروعية زيارة القبور وقد حكى الحازمي ‏[‏عقد الحازمي في كتابه الاعتبار لذلك بابًا قال باب النهي عن زيارة القبور ثم الرخصة فيها وذكر الأحاديث الواردة في الباب ثم قال في آخر الباب‏:‏ وزيارة القبور مأذون فيها للرجال اتفق على ذلك أهل العلم قاطبة اهـ‏.‏‏]‏ والعبدري والنووي اتفاق أهل العلم على أن زيارة القبور للرجال جائزة‏.‏ قال الحافظ‏:‏ كذا أطلقوه وفيه نظر لأن ابن أبي شيبة وغيره رووا عن ابن سيرين وإبراهيم النخعي والشعبي أنهم كرهوا ذلك مطلقًا حتى قال الشعبي‏:‏ لولا نهي النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم لزرت قبر ابنتي فلعل من أطلق أراد بالاتفاق ما استقر عليه الأمر بعد هؤلاء وكأن هؤلاء لم يبلغهم الناسخ واللَّه أعلم‏.‏ وذهب ابن حزم إلى أن زيارة القبور واجبة ولو مرة واحدة في العمر لورود الأمر به وهذا يتنزل على الخلاف في الأمر بعد النهي هل يفيد الوجوب أو مجرد الإباحة فقط والكلام في ذلك مستوفى في الأصول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقد أذن لمحمد‏)‏ الخ فيه دليل على جواز زيارة قبر القريب الذي لم يدرك الإسلام‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ سبب زيارته صلى اللَّه عليه وآله وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها‏.‏ ويؤيده قوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم في آخر الحديث‏:‏ ‏(‏فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم يؤذن لي‏)‏ فيه دليل على عدم جواز الاستغفار لمن مات على غير ملة الإسلام‏.‏

3 - وعن أبي هريرة‏:‏ ‏(‏أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لعن زوارات القبور‏)‏‏.‏

رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه‏.‏

4 - وعن عبد اللَّه بن أبي مليكة‏:‏ ‏(‏أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها‏:‏ يا أم المؤمنين من أين أقبلت قالت‏:‏ من قبر أخي عبد الرحمن فقلت لها‏:‏ أليس كان نهى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عن زيارة القبور قالت‏:‏ نعم كان نهى عن زيارة القبور ثم أمر بزيارتها‏)‏‏.‏

رواه الأثرم في سننه‏.‏

الحديث الأول أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه‏.‏ والحديث الثاني أخرجه أيضًا الحاكم وأخرجه أيضًا ابن ماجه عن عائشة مختصرًا‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم رخص في زيارة القبور‏)‏‏.‏

ـ وفي الباب ـ عن حسان عند أحمد وابن ماجه والحاكم‏.‏ وعن ابن عباس عند أحمد وأصحاب السنن والبزار وابن حبان والحاكم وفي إسناده أبو صالح مولى أم هانئ وهو ضعيف‏.‏

ـ وفي الباب ـ أيضًا أحاديث تدل على تحريم إتباع الجنائز للنساء فتحريم زيارة القبور تؤخذ منها بفحوى الخطاب منها عن ابن عمرو عند أبي داود والحاكم‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم رأى فاطمة ابنته فقال‏:‏ ما أخرجك من بيتك فقالت‏:‏ أتيت أهل هذا الميت فرحمت على ميتهم فقال لها‏:‏ فلعلك بلغت معهم الكدى قالت‏:‏ معاذ اللَّه وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر فقال‏:‏ لو بلغت معهم الكدى فذكر تشديدًا في ذلك فسألت ربيعة‏:‏ ما الكدى فقال‏:‏ القبور فيما أحسب‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك‏)‏ قال الحاكم صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه‏.‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ وفيما قاله الحاكم عندي نظر فإن رواية ربيعة بن سيف لم يخرج له الشيخان في الصحيح شيئًا فيما أعلم‏.‏ وعن أم عطية عند الشيخين قالت‏:‏ ‏(‏نهينا عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا‏)‏ وعنها أيضًا عند الطبراني وفيه‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم نهاهن أن يخرجن في جنازة‏)‏ وقد ذهب إلى كراهة الزيارة للنساء جماعة من أهل العلم وتمسكوا بأحاديث الباب واختلفوا في الكراهة هل هي كراهة تحريم أو تنزيه وذهب الأكثر إلى الجواز إذا أمنت الفتنة واستدلوا بأدلة منها دخولهن تحت الإذن العام بالزيارة ويجاب عنه بأن الإذن العام مخصص بهذا النهي الخاص المستفاد من اللعن أما على مذهب الجمهور فمن غير فرق بين تقدم العام وتأخره ومقارنته وهو الحق‏.‏ وأما على مذهب البعض القائلين بأن العام المتأخر ناسخ فلا يتم الاستدلال به إلا بعد معرفة تأخره‏.‏ ومنها ما رواه مسلم عن عائشة قالت‏:‏ ‏(‏كيف أقول يا رسول اللَّه إذا زرت القبور قال‏:‏ قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين‏)‏ الحديث‏.‏ ومنها ما أخرجه البخاري‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مر بامرأة تبكي عند قبر فقال‏:‏ اتقي اللَّه واصبري قالت‏:‏ إليك عني‏)‏ الحديث ولم ينكر عليها الزيارة‏.‏ ومنها ما رواه الحاكم‏:‏ ‏(‏أن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده‏)‏ قال القرطبي‏:‏ اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء انتهى‏.‏ وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر‏.‏

5 - وعن أبي هريرة‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أتى المقبرة فقال‏:‏ السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم والنسائي‏.‏ ولأحمد من حديث عائشة مثله وزاد‏:‏ ‏(‏اللَّهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم‏)‏ ‏.‏

6 - وعن بريدة قال‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء اللَّه بكم للاحقون نسأل اللَّه لنا ولكم العافية‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم وابن ماجه‏.‏

حديث عائشة أخرجه أيضًا مسلم بلفظ‏:‏ ‏(‏قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم اللَّه المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين وإنا إن شاء اللَّه بكم للاحقون‏)‏ وأخرج أيضًا عنها أنها قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كلما كان ليلتها منه يخرج إلى البقيع من آخر الليل فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون اللَّهم اغفر لأهل بقيع الغرقد‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏السلام عليكم دار قوم مؤمنين‏)‏ دار قوم منصوب على النداء أي يا أهل فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وقيل منصوب على الاختصاص قال صاحب المطالع‏:‏ ويجوز جره على البدل من الضمير في عليكم‏.‏ قال الخطابي‏:‏ إن اسم الدار يقع على المقابر قال‏:‏ وهو صحيح فإن الدار في اللغة تقع على الربع المسكون وعلى الخراب غير المأهول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون‏)‏ التقييد بالمشيئة على سبيل التبرك وامتثال قول اللَّه تعالى ‏{‏ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا إن يشاء اللَّه‏}‏ وقيل المشيئة عائدة إلى الكون معهم في تلك التربة وقيل غير ذلك‏.‏

والأحاديث فيها دليل على استحباب التسليم على أهل القبور والدعاء لهم بالعافية‏.‏ قال الخطابي وغيره‏:‏ إن السلام على الأموات والأحياء سواء في تقديم السلام على عليكم بخلاف ما كانت الجاهلية عليه كقولهم‏.‏

عليك سلام اللَّه قيس بن عاصم * ورحمته ما شاء أن يترحما

 باب ما جاء في الميت ينقل أو ينبش لغرض صحيح

1 - عن جابر قال‏:‏ ‏(‏أتى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم عبد اللَّه بن أبي بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عبد اللَّه بن أبي بعد ما أدخل حفرته فأمر به فأخرج فوضعه على ركبتيه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه فاللَّه أعلم وكان كسا عباسًا قميصًا قال سفيان‏:‏ فيرون النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ألبس عبد اللَّه قميصه مكافأة بما صنع‏)‏‏.‏

رواهما البخاري‏.‏

2 - وعن جابر قال‏:‏ ‏(‏أمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم بقتلى أُحد أن يردوا إلى مصارعهم وكانوا نقلوا إلى المدينة‏)‏‏.‏

رواه الخمسة وصححه الترمذي‏.‏

3 - وعن جابر قال‏:‏ ‏(‏دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة‏)‏‏.‏

رواه البخاري والنسائي‏.‏ ولمالك في الموطأ أنه سمع غير واحد يقول‏:‏ إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها‏.‏ ولسعيد في سننه عن شريح بن عبيد الحضرمي أن رجالا قبروا صاحبًا لهم لم يغسلوه ولم يجدوا له كفنًا ثم لقوا معاذ بن جبل فأخبروه فأمرهم أن يخرجوه فأخرجوه من قبره ثم غسل وكفن وحنط ثم صلي عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبد اللَّه بن أُبيِّ‏)‏ يعني ابن سلول وهو رأس المنافقين ورئيسهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعد ما دفن‏)‏ كان أهل عبد اللَّه بن أُبيِّ بادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته فأمر بإخراجه وفيه دليل على جواز إخراج الميت من قبره إذا كان في ذلك مصلحة له من زيادة البركة عليه ونحوها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاللَّه أعلم‏)‏ لفظ البخاري واللَّه أعلم بالواو وكأن جابرًا التبست عليه الحكمة في صنعه صلى اللَّه عليه وآله وسلم بعبد اللَّه ذلك بعد ما تبين نفاقه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان كسا عباسًا‏)‏ يعني ابن عبد المطلب عم النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وذلك يوم بدر لما أتي بالأسارى وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فوجدوا قميص عبد اللَّه بن أُبيِّ فكساه النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم إياه فلذلك ألبسه النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قميصه هكذا ساقه البخاري في الجهاد فيمكن أن يكون هذا هو السبب في إلباسه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قميصه ويمكن أن يكون السبب ما أخرجه البخاري أيضًا في الجنائز أن ابن عبد اللَّه المذكور قال‏:‏ ‏(‏يا رسول اللَّه ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك‏)‏ وفي رواية أنه قال‏:‏ ‏(‏أعطني قميصك أكفنه فيه‏)‏ ويمكن أن يكون السبب هو المجموع للسؤال والمكافأة ولا مانع من ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكانوا نقلوا إلى المدينة‏)‏ فيه جواز إرجاع الشهيد إلى الموضع الذي أصيب فيه بعد نقله منه وليس في هذا أنهم كانوا قد دفنوا بالمدينة ثم أخرجوا من القبور ونقلوا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم تطب نفسي‏)‏ فيه دليل على أنه يجوز نبش الميت لأمر يتعلق بالحي لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه وقد بين جابر ذلك بقوله فلم تطب نفسي ولكن هذا إن ثبت إن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أذن له بذلك أو قرره عليه وإلا فلا حجة في فعل الصحابي والرجل الذي دفن معه هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري وكان صديق والد جابر وزوج أخته هند بنت عمرو‏.‏ وروى ابن إسحاق في المغازي‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ اجمعوا بينهما فإنهما كانا متصادقين في الدنيا‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى أخرجته‏)‏ في لفظ للبخاري‏:‏ ‏(‏فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته غير هنية في أذنه‏)‏ وظاهر هذا يخالف ما في الموطأ عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد اللَّه بن عمرو يعني والد جابر الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما وكانا في قبر واحد فحفر عنهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة‏.‏ وقد جمع ابن عبد البر بينهما بتعدد القصة‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وفيه نظر لأن الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر‏.‏ وفي حديث الموطأ أنهما وجدا في قبر واحد بعد ست وأربعين سنة فإما أن يكون المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة أو أن السيل خرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد‏.‏ وقد أخرج نحو ما ذكره في الموطأ ابن إسحاق في المغازي وابن سعد من طريق أبي الزبير عن جابر بإسناد صحيح‏.‏ ومعنى قوله‏:‏ ‏(‏هنية‏)‏ أي شيئًا يسيرًا وهي بنون بعدها تحتانية مصغرًا وهو تصغير هنة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فحملا إلى المدينة‏)‏ فيه جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا بدليل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأمرهم أن يخرجوه‏)‏ الخ فيه أنه يجوز نبش الميت لغسله وتكفينه والصلاة عليه وهذا وإن كان قول صحابي ولا حجة فيه ولكن جعل الدفن مسقطًا لما علم من وجوب غسل الميت أو تكفينه أو الصلاة عليه محتاج إلى دليل ولا دليل‏.‏